لا يمكن انهاء الفساد من قبل نظام مبني على الفساد، تدهور سعر الدينار مجرد حلقة أخرى في هذه الدوامة

مع انخفاض سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار الأمريكي، الذي بدأ شهر تشرين الثاني من السنة الماضية، واستمرار انخفاضه الى مستوياته الحالية المتدنية مقارنة مع سعره الرسمي ، ومع ما رافق ذلك من تضخم في أسعار المواد الأساسية الاستهلاكية وتردي القوة الشرائية لجماهير العمال والموظفين والمحاضرين وغيرهم من ذوي الدخل المحدود، أصبح الوضع المعيشي لهذه الجماهير ومختلف فئات الشغيلة والكادحة في العراق، يتعرض للمزيد من الافقار والتدهور.

وعليه، وبالضرورة، أصبح معظم المواطنين يواجهون الفساد المالي الفاضح المتفشي في مجمل مفاصل النظام الإسلامي والقومي الحاكم كعامل مباشر في تدهور أوضاعهم المعيشية. هذا، وباتوا يسعون، وتحت ضغط هذه الأوضاع، الى فك شفرة الاقتصاد الرأسمالي ودور النقود والسعر وسعر صرف العملة فيه، وعلاقة ذلك  بمستوى معيشتهم ، لا بل وباشروا، بتنظيم التظاهرات والاحتجاجات ورفع صوتهم الاحتجاجي بوجه السلطات.

لاشك بان هناك ارتباط وثيق لتدهور مستوى معيشة جماهير العمال والكادحين واتساع البطالة في صفوفها،  وتدهور رفاهيتها المادية والمعنوية، بما فيها الصحية والتعليمية، وشبه انعدام  للخدمات العامة المجانية، بما شهدتها البلاد مما يقارب عشرين عاما من تحولات اقتصادية سريعة وشاملة خاصة بتوسيع وتعميق الرأسمالية النيوليبرالية واخضاع المجتمع لمتطلبات هذا النظام وهذا النمط الاقتصادي.  

ان هذه التحولات الاقتصادية قد نُفذت بشكل مبرمج ومخطط، وكسياسة عامة للدولة والنظام القائم منذ2003؛ في ظل إدارة الاحتلال الأمريكي ومن ثم ادامتها من قبل النظام البرجوازي الإسلامي والقومي الحاكم وحكوماته المتعاقبة.  فالفساد المالي والإداري المتفشي في جميع مفاصل النظام، والنهب الفاضح لمئات المليارات من الدولارات من ثروات المجتمع، جزء مكمل لهذه التحولات.   

إن أموال الفساد والنهب المنظم للثروات في العراق والتي تستحوذ عليها القراصنة السياسيون  والميليشيات واللصوص المتنفذين في السلطة، تدخل، وبطبيعة الحال،  في مختلف المجالات بما فيها دعم النظام الإسلامي في ايران بالدرجة الأساس، الا ان قسما آخر منها تدخل عن طريق التحويلات وغسيل الأموال، بشكل منظم في دورة وحركة راس المال العالمي، وتتراكم في البنوك والمؤسسات المالية العالمية والإقليمية. هذا النهب المنظم  يزداد ويتقوى مع كل دورة اقتصادية، وكل ميزانية سنوية، ومع كل دخل سنوي جديد للدولة.

ولذا، فان الفساد والنهب المنظم في العراق، لم يعد مجرد استقطاع جزء كبير من ثروات البلاد وقوت الجماهير، بل إنما هو عنصر وعامل اقتصادي يعاد انتاجه داخل النظام الاقتصادي الرأسمالي السائد نفسه، وهو بالتالي يشكل سمة من سمات الرأسمالية وشكلها المشخص والمحدد في العراق.

على اثر الازمة الاقتصادية الخانقة والمزمنة أساسا  للنظام الرأسمالي النيو ليبرالي في العراق  وانسداد الافاق امام النظام السياسي الحاكم وسياساته الاقتصادية و”الورقة البيضاء” لتوفير العمل، وعجزه التام عن توفير ادنى درجة من الرفاهية الاقتصادية للجماهير، خاض عشرات الالاف من عمال الأجور والعقود والمحاضرين العاملين بالمجان سلسلة من إضرابات وتظاهرات موحدة ناجحة خلال الفترة الأخيرة، حققوا فيها قسما من مطالبهم. ان ازمة انخفاض سعر الدينار ستضيف عاملا آخر لدفع جماهير الشغيلة والكادحين الى خوض المزيد من النضال وتنظيم التظاهرات والاحتجاجات لفرض مطالبهم فيما يخص مواجهة آثار انخفاض سعر الدينار. مع الاخذ بنظر الاعتبار كل هذه التطورات، فإن المواجهة بين جماهير العمال والمعدمين والكادحين وبين السلطات بدأت تأخذ طابعا طبقيا اكثر وضوحا.

غيران هذه الحركة الاحتجاجية الاجتماعية الصاعدة للعمال والكادحين وهذه المواجهة الطبقية تواجه مهام جسام، وتعترضها صعوبات تنظيمية وسياسية وفكرية جمة بحاجة الى تجاوزها كي تنتصر.

ان قوى النظام والرأسماليين والأحزاب والتيارات البرجوازية المختلفة والمؤسسات البرجوازية الدينية والعشائرية، والقوى الإقليمية والدولية، لم ولن تقف مكتوفة الايدي تجاه هذا الاستقطاب الطبقي الحاصل في المجتمع، وهذا الصعود للحركة العمالية ونضالات جماهير الشغيلة والكادحين، وتحاول الاجهاز عليها منذ البداية وبمختلف الطرق. إن الضمان الوحيد امام العمال والكادحين بوجه هذه المساعي، هو تنظيم نضالهم على أساس مصالح طبقية مستقلة عن البرجوازية وجميع تياراتها واحزابها وقواها.

يا جماهير العمال والكادحين والمفقرين

 لا يمكن انهاء الفساد على ايدي نظام مبني على الفساد. إذاً فلنقوي تضامننا الطبقي المستقل لفرض مطالبنا.

لنرفع صوتنا الموحد لزيادة الأجور والرواتب بالتناسب مع غلاء المعيشة الناجم عن انخفاض سعر الدينار،  ولفرض تقديم الدعم المالي لذوي الدخل المحدود، على السلطات.   

لنقوم بتشكيل التنظيمات الجماهيرية المستقلة للعمال ومختلف الشرائح الكادحة، وللمرأة العاملة والشبيبة المعطلة عن العمل، كونها مهمة ملحة وآنية لضمان الانتصار.

تناضل منظمة البديل الشيوعي في العراق وبكل حزم جنبا الى جنب معكم في النضال لتحقيق مطالبكم الآنية، واهدافكم الثورية في التحرر من براثن النظام الرأسمالي والنظام السياسي الإسلامي والقومي الحاكم.

منظمة البديل الشيوعي في العراق

5 شباط  2023

عن Albadeel Alsheoi

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

نحو تنامي حركة نسوية تحررية مقتدرة، بالتزامن مع الحركة العمالية الصاعدة في العراق

بمناسبة الثامن من آذار، نستقبل الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، هذا  العام، في اوضاع ...

مقرر حول مسارات الأوضاع في الشرق الأوسط، ارتباطا مع حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل في غزة

دخلت حرب الإبادة الجماعية لسكان غزة يومها الثامن بعد المئة اليوم الإثنين 22 من كانون ...

ندين بشدة الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري على اربيل

شن الحرس الثوري في إيران ليلة الاثنين المصادف ١٥ كانون الثاني ٢٠٢٤ هجوما بتسعة صواريخ ...

إقرار سلم جديد لرواتب الموظفين والعمال مطلب جماهيري ملح وفوري

من المقرر ان تشهد العاصمة بغداد تظاهرة مركزية للموظفين والعمال يوم الاحد الموافق 14- 1- ...

حول استهداف مستشفى المعمداني في غزة

بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق تتواصل الجرائم البشعة التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان قطاع ...