بمناسبة الذكرى السنوية الثانية والثمانون لرحيل ليون تروتسكي

أعداد / عبدالله صالح

يصادف يوم 20 آب / أغسطس الذكرى السنوية الثانية والثمانون لمحاولة اغتيال ليون تروتسكي، والتي أدت إلى رحيله في اليوم التالي.

بهذه المناسبة ننشر الرسالة التي تعتبر بمثابة ” وصيته ” الأخيرة والتي كتبها الى رفيقاته ورفاقه :

إن ضغط دمي المرتفع (والذي ما يزال في ارتفاع) يخدع من هم بالقرب مني بخصوص حالتي الصحية. أنا نشيط وقادر على العمل، لكن من الواضح أن النهاية قريبة. وستنشر هذه الأسطر بعد رحيلي.

لا حاجة لي لأن أدحض هنا مرة أخرى الافتراءات الغبية والحقيرة التي يطلقها ضدي ستالين وعملاؤه، ليست هناك أي وصمة في “شرف “ي الثوري. لم أدخل أبدا، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أي اتفاقات وراء الكواليس أو حتى مفاوضات مع أعداء الطبقة العاملة. الالاف من معارضي ستالين سقطوا ضحايا لاتهامات كاذبة مماثلة. وستقوم الأجيال الثورية الجديدة بإعادة الاعتبار لـ “شرف “هم السياسي والتعامل مع جلادي الكرملين وفقا لما يستحقونه. أشكر بحرارة الأصدقاء الذين بقوا أوفياء لي خلال أصعب أوقات حياتي. أنا لا أذكر أي شخص على وجه الخصوص لأنه لا يمكنني أن أذكرهم جميعا. ومع ذلك، أعتبر أنه لدي مبرر للقيام باستثناء في حالة رفيقتي، ناتاليا ايفانوفنا سيدوفا، والتي بالإضافة إلى السعادة بكونها مناضلة في سبيل قضية الاشتراكية، قد أسعدني الحظ بأن أكون زوجها. لقد بقيت، طيلة ما يقرب من أربعين عاما من حياتنا معا، مصدرا لا ينضب من الحب والشهامة والحنان. لقد تعرضت لمعاناة كبيرة، وخاصة في الفترة الأخيرة من حياتنا، لكني أجد بعض الراحة في حقيقة أنها قد عرفت أيضا أياما سعيدة.

طيلة أربع وثلاثين عاما من حياتي الواعية بقيت مناضلا ثوريا، ولمدة اثنين وأربعين منها خضت النضال تحت راية الماركسية. وإذا كان علي أن أبدأ من جديد، سأحاول بالطبع تجنب هذا الخطأ أو ذاك، لكن المسار الرئيسي لحياتي سيبقى كما هو دون تغيير. سوف أموت بروليتاريا ثوريا وماركسيا وماديا جدليا وبالتالي ملحدا لا يساوم. إن إيماني في المستقبل الشيوعي للبشرية ليس أقل حماسا، بل صار في الواقع أكثر حزما اليوم، مما كان عليه في أيام شبابي.

لقد جاءت ناتاشا للتو من الفناء إلى النافذة وفتحتها على مصراعيها بحيث يدخل الهواء بحرية أكبر إلى غرفتي. أستطيع أن أرى شريط العشب الأخضر المشرق تحت الجدار، والسماء الزرقاء الصافية فوق الجدار، وضوء الشمس في كل مكان. إن الحياة جميلة. فلتعمل الأجيال القادمة على تطهيرها من كل شر وكل اضطهاد وكل عنف ولتستمتع بها على أكمل وجه.

 لكن مهما كانت ظروف وفاتي فإني سأموت بإيمان راسخ في المستقبل الشيوعي. إن هذا الإيمان بالإنسان ومستقبله يعطيني قوة مقاومة لا يمكن أن يعطيها أي دين.

ليون تروتسكي

مكسيكو، 27 فبراير 1940

[1] – ليون تروتسكي ، اسمه الحقيقي ( ليف دافيدوفيتش برونشتاين ) وهو ماركسي بارز وأحد زعماء الثورة البلشفية أكتوبر ١٩١٧

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

التنظيم السياسي شرط لنجاح الحركة النسوية في العالم.

يُعد الخطاب النسوي في العراق والعالم من أكثر الخطابات المرفوضة و المنعوتة بأبشع الاوصاف رغم ...

المخدرات في العراق آفة تنهش جسد المجتمع

لا يمر يوم دون أن نسمع أو نرى خبرا تنشره الأجهزة الأمنية مفاده ضبط شبكة ...

ساعات عمل طويلة وأجور قليلة معاناة سواق التوصيل – دلفري

  أجرى برنامج ( صدى العمال ) في إذاعة المساواة لقاءً مع العامل ( مجتبى ...

الأساءة والعنف الصحي المؤسَسي ضد المرأة اثناء الحمل والولادة!

التمييز والعنف ضد المرأة متعدد الأوجه ويمتد الى كل نواحي الحياة، في المنزل والعمل و ...

تحرر المرأة في العراق والمنطقة مرتبط بالتحرر من هيمنة النظام الرأسمالي

اسيل سامي يرتبط تحرير المجتمعات ارتباطا وثيقا بتحرير المرأة، وان تحرر المرأة لا يتم الا ...

%d مدونون معجبون بهذه: