بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد الماضي؛ لكن دون توحيد النضال، تبقى خطاباتنا مستهلكة ومطالبنا منسية.

ثلاثة عشر عاماً منذ اندلاع “الثورة” في سورية تلك الثورة التي حاول النظام الدكتاتوري واعوانه طمس معالمها وتشويه سمعتها بكل الطرق لتعود مؤخراً حناجر اهل السويداء، نساءً ورجالاً، في الجنوب السوري تصدح بذات المطالب التي بدأت بها الثورة قبل ثلاثة عشر عاماً.

يقاوم أهل السويداء والجنوب اليوم كل ما قدمه لهم النظام وأعوانه من مغريات؛ أفشلوا كل المحاولات التي قام بها بعض المخربين، او لنقول أذرع البعث التي تستمر بمحاولة تشويه ثورة ساحة الكرامة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي:

 ماذا ينقصنا حتى نعيد امجاد ثورتنا ولكي تعود لنا سورية؟

تفتقر الثورة السورية منذ بدايتها الى اليوم للإعلام الثوري والخطاب الموحد، ينقصنا التضامن وتوحيد الجهود،  ينقصنا ان نكون على كلمة واحدة دون ولاءات ودون خوف، تنقصنا العدالة والمساواة بين الجنسين،  فلنمت جميعاً او لنحيا جميعا، حياة نتمتع  بها بكل حقوقنا الإنسانية،  فما عشناه ونعيشه اليوم كسوريين، لا يمكن أن نسميه حياة في دول المهجر، نتعرض للعنصرية والقومية والإقصاء وشبح النظام لا يكاد يفارقنا حيث من الممكن أن يتم ترحيل أي شخص بجرة قلم دون انذار او سبب مقنع كما يجري اليوم في تركية والعراق ولبنان والاردن وباقي دول العالم والمنطقة، ومن بقيي داخل سورية، فهو يعيش تحت ظروف اقتصادية صعبة جداً، هناك مجاعة غير معلن عنها انتشرت في الداخل، كل أنواع الانتهاكات لم تعد مقتصرة على القتل او السجن، بل تطورت الى تجارة الأعضاء والاتجار بالنساء والشابات في العلن! ما أبشع ان يموت الانسان جوعاً في بلداً كان يوماً ارض خير.

سورية اليوم عبارة عن دويلات صغيرة من شرقها لغربها، ومن شمالها الى جنوبها، كلما وجد حل أسرعَ النظام البعثي الخبيث بتعقيد الامور وادخال اطراف اخرى في المعادلة، كتبنا وشرحنا وتكلمنا كثيراً عن خطط هذا النظام واعوانه، لكن اليوم على جميع دول الجوار ان تتعلم الدرس، فسورية كانت بوابة الفوضى في الوقت الذي سكتت فيه كل شعوب المنطقة، واخذوا مكان المتفرج خلف الشاشات، عمل النظام على تصدير الارهاب وكسب  الاموال عن طريق تجارة المخدرات وتهريب السلاح لينشر الفوضى في بلدان  الجوار العراق والاردن ولبنان والخليج؛ كلها تعاني وتكافح دون جدوى!  ثم ماذا بعد؟ ها هي اسرائيل تصول وتجول وتهدد بتوسيع حرب غزة؛ اين هو نظام الطغمة و الاحزاب الاسلامية من حماس الى حزب الله الى الفصائل العراقية  التي لديها الاف المقاتلين في سورية وشاركت في قتل السوريين بذريعة القضية الفلسطينية، لقد اثبتوا للعالم كله  انهم جزء لا يتجزأ من سياسة الاستيطان وهم اداة امريكا واسرائيل لاحتلال المنطقة وجعلها تحت السيطرة بحجة محاربة الإرهاب، ولا ننسى سياسة التطبيع التي عملت عليها اسرائيل منذ سنوات مضت، كل ما ذكر سابقاً عن هذا النظام الفاشي القاتل الذي قتل وهجر شعبه تحت انظار العالم، كان سبباً لهمجية اسرائيل في حربها على غزة، اما بالنسبة للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الانسان، فقد كانت ولا تزال بدون جدوى وتقف مكتوفة الايدي في كل حرب او نزاع في المنطقة.

السؤال الوجيه الان ما هو مصيرنا نحن شعوب المنطقة؟ هل سنبادْ؟ ام ان عصر العبودية سيعود من جديد وستنقرض كل المكتسبات الانسانية ؟ اذاً لنبتعد عن استهلاك الخطابات ولنعد الى توحيد صفوفنا النسوية والعمالية التي من شأنها خلق تضامن أممي ووقفة واحدة ضد كل الأنظمة الرأسمالية العالمية التي تتشفى بهدر دمائنا ولا ترانا كبشر بل أداة استهلاكية في الحرب او السلم، وفي النهاية يبقى حلم تغيير والعودة املاً لنا .

نور سالم

المقال اعلاه منشور في جريدة الغد الاشتراكي العدد 38 ايار 2024

عن Albadeel Alsheoi

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حياة الأطفال، مسرح للمأساة التي خلقتها الرأسمالية وليبراليتها الجديدة

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال عبدالله صالح حددت منظمة الأمم المتحدة يوم الثاني عشر ...

ندين وبشدة غلق مقرات الأحزاب ومصادرة ممتلكاتها

أصدرت الهيئة القضائية للانتخابات في (مجلس القضاء الأعلى) العراقي في (١-٨-٢٠٢٤)، قرارا بحل مجموعة من ...

مقابر منسية لنساء ضحايا جرائم” الشرف”

إقليم كوردستان تقرير أعده للغد الاشتراكي – عبدالله صالح عندما يتوجه الناس كعادتهم صبيحة أيام ...

الشعوذة والتنبؤ، بين الانتشار وسبل التصدي

نور سالم على مر العصور، لعبت النساء دور الضحايا في قصص السحر والشعوذة، وغالبًا ما ...

جذور الفاشية المعاصرة في إسرائيل

نادر عبدالحميد لا يمكن النظر إلى حرب نتنياهو ضد المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة على ...