بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق
تشهد محافظة ذي قار، منذ تولي قائد الشرطة الجديد المسؤولية، حملة اعتقالات متواصلة بلغت لحين كتابة هذا البيان اكثر من 500 ناشط، بالإضافة الى صدور اوامر قبض بحق مئات اخرين لم تنفذ بعد، والتهم الموجهة لغالبية هؤلاء الشباب هي تهم كيدية تتعلق بالإرهاب. حقيقة الامر الواضحة للجميع هي ان الهدف من حملة الاعتقالات هو ضرب الحركة الاحتجاجية المستمرة في مدينة الناصرية، والعمل الاستباقي ضد اية انتفاضة جديدة، خصوصا وان محافظة ذي قار لها تاريخ وتجربة نضالية ثورية ابان انتفاضة اكتوبر عام 2019، تجاه النظام واحزابه وقواه.
شهِد يومي 18 و 19 من شهر اكتوبر الحالي تظاهرات حاشدة في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية ضد حملة الاعتقالات مطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين. وقد مارست قوات “مكافحة الشغب” والقوى الامنية الاخرى نفس الوسائل القمعية التي اتبعتها طوال انتفاضة اكتوبر عام 2019، وذلك بإطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع تجاه المتظاهرين، ومطاردتهم وتفريقهم بالقوة، والاقدام على اعتقال العديد منهم، وهي بهذا تجسد عدم اكتراثها بمطالبهم، وإصرارها وتماديها في مواصلة حملة الاعتقالات ضد كل من صدرت بحقه مذكرة القاء قبض، ما يعني انها مصرة على نفس النهج القديم.
ان ناشطي وقادة الانتفاضة الثابتين على اهدافهم، داخل مدينة الناصرية يشكلون الغالبية الساعية للخلاص من منظومة النهب والتدمير والقتل، خصوصا وانهم عايشوا لحظات الانتفاضة وما رافقتها من عمليات قتل وخطف ومجازر كمجزرة جسر الزيتون عام 2019، وعشرات الجرائم الاخرى، اضافة الى معايشتهم لبروز وتسلق القوى الانتهازية وقوى الثورة المضادة على تضحياتهم ونضالهم، والوصول الى السلطة والبرلمان، والعمل على اجهاض انتفاضتهم ومحاولة القضاء عليها، لذلك فهم الشبح الذي يهدد هذا النظام البرجوازي الطائفي القومي.
اليوم وتزامنا مع الذكرى الخامسة لانطلاق الانتفاضة، تسعى السلطة واجهزتها الامنية في ذي قار والعراق بشكل عام، الى ارهاب المجتمع ومحاولة الاجهاز على أي حراك جماهيري داخله، من خلال تشريع قوانين رجعية مثل تعديل قانون الاحوال الشخصية، والتضييق على الناشطين والتجمعات التي تشكل تهديدا للسلطة، هذه السلطة والتي رغم هيمنتها الظاهرية وتسلطها على رقاب المواطنين، الا انها متخوفة بل ومرعوبة، كونها تدرك جيدا حجم السخط الجماهيري ضدها، والناتج عن عقدين من النهب والافقار والتهميش، والعمل الحثيث على تدمير ما تبقى من الخدمات العامة للمواطنين وتنحي الدولة الممنهج عن مسؤولياتها تجاهها، والذهاب باتجاه القطاع الخاص الذي اثقل كاهل الاغلبية العظمى من المجتمع، وتواصل عمليات الخنق للحريات الشخصية والمدنية وسلب حقوق النساء.
بالتزامن مع الحملة التي تقودها شرطة ذي قار، نرى حملة شرسة لإعلام السلطة وقنواتها الفضائية وجيوشها الالكترونية في محاولة لتشويه تظاهرات الناصرية الاخيرة، والتي تطالب بإطلاق سراح المعتقلين نتيجة الدعاوي الكيدية ضدهم، وذلك بإلصاق تهم مزيفة تجاهها مثل كونها مدعومة من امريكا وإسرائيل. وهذه المحاولات ليست جديدة بالطبع، انما هي كانت احدى اهم وسائل النظام اثناء انتفاضة 2019، وهي مرافقة لكل تظاهرات تطالب بالحقوق والحريات طوال الاعوام السابقة، وهدفها الاول والأخير هو التشويه والارباك، واعطاء الشرعية لعمليات القمع والاغتيالات بذرائع كاذبة.
لقد أُريقت دماء المئات من ناشطي انتفاضة أكتوبر واُختطف عشرات المنتفضين؛ والذين لا يزال مصير غالبيتهم مجهولا، بالإضافة الى جرح واعاقة الآلاف، ولم نشهد امر قبض واحد بحق المجرمين المباشرين وغير المباشرين المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم، كما ان عمليات النهب الممنهجة واخرها سرقة القرن وغيرها من عمليات الفساد والسرقة المتواصلة لم يحاسب عليها احد، فيما تتبجح شرطة ذي قار والاعلام الحكومي بأهمية بسط النظام داخل المحافظة.
تقف منظمة البديل الشيوعي في العراق مع جماهير ذي قار المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، ومع تحقيق جميع مطالبهم بالحصول على فرص عمل وتوفير الخدمات، كما تساند المتظاهرين وهم يحاولون كشف صفقات الفساد وفضحها للرأي العام، وتدين المنظمة عمليات الاعتقال والقمع التي يتعرض لها المحتجون في الناصرية وتحمل الحكومة والمسؤولين مسؤولية ضمان سلامة المعتقلين، والإفراج الفوري عنهم دون قيد او شرط.
19/ 10/ 2024