يتناقل الاعلام بشكل مستمر اخباراً بأن رئيس الوزراء الجديد في جدول اعماله محاربة الفساد! فبعد تكليفه تعهد الكاظمي بالحفاظ على سيادة العراق واستقلالية قراره السياسي، وسوف يعمل على حصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد!
هذه النكات والاكاذيب الجوفاء في محاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة ، دائما ما نسمعها بعد مجيء كل رئيس وزراء، ويتم ترديدها مثل الببغاء للدعاية والتسويق الإعلامي، وتساهم نوعا ما في نشر الاوهام وتضليل الجماهير، فرئيس الوزراء السابق توعد بضرب الفاسدين بيد من حديد! واخر شكل مجلسا من الفاسدين لمحاربة الفساد، والاخر شكل مجلسا اعلى لمحاربة الفساد، وتستمر هذه الاكاذيب بعد مجيء كل رئيس وزراء، والعراقيون يسمعون هذه الوعود ويعيشون الخراب التام والفقر وانعدام الخدمات.
ان هذه الزمرة السياسية التي حكمت العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 ،تمثلت بسلسلة من عمليات تقسيم الغنائم على اساس الدين والقومية والطائفية، وقد تم شرعنة الفساد مع الغياب التام للمراقبة والمحاسبة، وكل الأحزاب الاسلامية الحاكمة هي متورطة في هذا الامر.
رئيس الوزراء الحالي يتوعد “روتينيا” ان يحارب الفساد، وهو الذي جاء بتوافق من الكتل والاحزاب الإسلامية الحاكمة، فكل رئيس وزراء يجب ان يٌمنح الثقة من خلال هذه الكتل السياسية، التي تشكل النظام الطائفي والقومي، هذا النظام الذي ادخل البلاد في حرب طائفية اهلية قتل وهجر خلالها الالاف، حدث كل هذا من اجل تقسيم وترسيخ السلطة والثروات بأيديهم.
لقد اتفقت عصابات الإسلام السياسي الحاكمة و وزعت المناصب الحكومية، بدأً من الرئاسات الثلاث ونوابهم ومستشاريهم، و وزعت الحقائب الوزارية والدرجات الخاصة والمدراء العامين، وكل ذلك التوزيع جرى ويجري حسب الدين والطائفة والقومية، هذا ما عبر عنة رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني في احدى الدورات الانتخابية عندما تصدرت الاخبار الحديث عن تشكيل الحكومة تكون بأغلبية سياسية او بأغلبية برلمانية، حيث قال: نحن لا يهمنا هذا، اذا كانت اغلبية سياسية او اغلبية برلمانية فنحن نأخذ ( گياتنه) اي ما متفق عليه بينهم، من ست حقائب وزارية وعدد من الدرجات الخاصة والامتيازات، واعتراف حيدر العبادي بوجود وزارات لا يمكن محاسبتها، وكشف مواقع الفساد في اربعين فقرة من قبل عادل عبد المهدي المطرود ووضعها على جدول اعماله.
أصبح شعار (القضاء على الفساد او الحرب على الفساد وحصر السلاح بيد الدولة والحديث عن السيادة) لا يستهوي احدا، ولا بإمكانه تعبئة الشارع، او حتى يمكن ان يأخذه اي انسان بسيط على محمل الجد، فقد أدركت الجماهير ان الاسلام السياسي الحاكم أدار عمليات النهب والفساد المالي والاداري بمهنية عالية وبامتياز.
لا يمكن الطلب او الترجي او التأمل من الحكومات السابقة ولا الحالية ان تحارب الفساد، لأن الفساد هو اساس تشكيلة النظام السياسي الحالي، فمن الغباء جدا ان نتوقع يوما ان رئيس وزراءٍ جاء من رحم العملية السياسية سيحارب الفساد، هذا مخالف جدا للعقل والمنطق.
ان الفساد أحد هو عوامل افقار المجتمع، حيث تنهب الميزانية السنوية والتي تقدر بالمليارات من الدولارات، ومن اجل وضع حد للفساد والنهب المنظم يجب ان تكون الجماهير طرف، لا بل الطرف الوحيد في المعادلة السياسية، وهي الاولى في الدفاع عن ثرواتها وحياتها.
ان انتفاضة اكتوبر هي الخطوة الاولى في هذا المسار، وما على الجماهير الا ان تنتظم وتوحد صفوفها من اجل انهاء معاناتها بأنهاء نظام النهب هذا.