السياسة الطبقية البروليتارية المستقلة سبيل نجاح اية انتفاضة ثورية مقبلة
بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لانتفاضة أكتوبر
تمر الذكرى السنوية الرابعة على انتفاضة الأول من أكتوبر 2019 والمشهد الاجتماعي والسياسي والفكري على صعيد المجتمع في العراق يبدو في الظاهر وكأنه خال من أي اثر للانتفاضة، ولكن هذا مجرد مظهر خادع، اذ ان التاريخ لا ينفي شيئا الا ليحل مكانه شيئا جديدا، فالقطب الذي انتفضت الجماهير ضده لا يزال يحكم بالقوة، والصراع مستمر بين الجماهير والنظام.
بالرغم من المساعي الرجعية للقوى البرجوازية المعارضة القومية والنيو ليبرالية وداعميهم الدوليين والاقليميين، قبل الانتفاضة واثنائها ولا تزال، لتسخير غضب واستياء الجماهير من الوضع القائم ومن السلطات الحاكمة في العراق، باتجاه مصالحها السياسية والاقتصادية واهدافها الجيو سياسية، فان الهبة الجماهيرية العارمة في أكتوبر 2019 لم تقص هذه المساعي من امامها فحسب، بل استطاعت ايضا ان تحتل مكانا مستقلا لنفسها في تاريخ الصراع الاجتماعي والسياسي والفكري والثقافي في العراق، بوصفها انتفاضة جماهيرية ثورية بامتياز.
لقد أقدمت جماهير الطبقة العاملة والشغيلة والنساء والشبيبة المعطلة عن العمل والتحررين على انتفاض ثوري للخلاص من الفقر والبؤس الاجتماعي والبطالة، وبوجه الفساد وسوء الخدمات وخنق الحريات وسيادة الرجعية القومية والطائفية على المجتمع ونظامها المحاصصاتي، وما احدثته التدخلات والصراعات الجيو سياسية للدول الامبريالية والأقطاب الإقليمية في العراق من مآسي ودمار. فرفعت الانتفاضة شعار اسقاط النظام.
اليوم وفي الوقت الذي تمتلك فيه الدولة في العراق موازنة انفجارية يتحكم بها النظام البرجوازي الإسلامي والقومي الحاكم، فان الجماهير والجيل الذي نشأ ما بعد الانتفاضة يعيش في اسوء الأحوال، بسبب البؤس الاقتصادي والبطالة وغلاء المعيشة وشتى أنواع المعاناة الناجمة عن ضآلة الخدمات الصحية والتعليمية العامة وسوء الخدمات الضرورية الأخرى، والتي هي بمجملها ناتج السياسة الرأسمالية النيو الليبرالية السائدة وهي السياسة البرجوازية العالمية المتمثلة بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين.
يعيش مئات الآلاف من العمال والموظفين وعوائلهم في اقليم كوردستان بدون دخل، كونهم لم يستلموا رواتبهم منذ اكثر من ثلاثة اشهر، مع ما سببه من اشتداد البؤس الاقتصادي والاجتماعي للجماهير في الإقليم.
ونتيجة لكل ذلك، اصبحت معظم جماهير الشغيلة في عموم العراق تفتقر الى ابسط وسائل العيش والخدمات والأمان والسكن الملائم، وباتت رهينة تحت ايدي النظام الإسلامي والقومي الحاكم، وهي تدفع ضريبة الصراعات الجارية بين مختلف مؤسسات النظام واجنحته وقواه، بما في ذلك بين حكومتي المركز والإقليم، على حساب تدهور معيشتها وامنها ومستقبل اطفالها.
بوجه مجمل هذه الأوضاع استمر نضال مختلف شرائح جماهير العمال والشبيبة والنساء العاملات من اجل تحقيق مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية ونيل حقوقهم، وفرضها على السلطات، وذلك على شكل تظاهرات وإضرابات واحتجاجات واعتصامات شتى وفي مختلف المحافظات والقطاعات الصناعية والخدمية والتعليمية والصحية.
ان الحركة العمالية المطالبة بتعديل سلم الرواتب، واحتجاجات المعطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم، وتظاهرات عمال الاجراء والمحاضرين العاملين بالمجان، ونضالات عمال قطاع الصناعة بوجه الخصخصة وتسريح العمال، والحركة التي تدافع عن مطالب العاملين في قطاع العمالة الهشة، وغيرها، تشكل بمجملها حركة عمالية صاعدة. وقد عبرت عن حضورها البارز في الأول من أيار هذا العام في بغداد والمحافظات الأخرى، مع ما يعني كل ذلك من نهوض للقوة الطبقية الموحدة والمستقلة للعمال والشغيلة. ان اتساع هذه الحركة لتشمل مختلف شرائح الطبقة العاملة في مختلف ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية ستكون القاعدة الاجتماعية واللبنة الأساسية لأية انتفاضة ثورية مقبلة ولبناء وتطوير الحزب السياسي البروليتاري الاشتراكي في خضم الصراع الطبقي الشامل الدائر في المجتمع.
ما نشهده اليوم من التحاق جماعات تلو جماعات من قوى الثورة المضادة التي كانت تتظاهر سابقا بكونها أصدقاء الانتفاضة، بصفوف السلطة وانتخابات مجالس المحافظات، ليس سوى انعكاس للاستقطاب الطبقي الحاد والعميق والواسع والصراع الطبقي الملازم له والذي يشهده المجتمع حاليا.
فان تدافع قوى الثورة المضادة تلك، للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، ونكث الإصلاحيين اليساريين لوعودهم السابقة بترك البرلمان والانتخابات، وتهافتهم الحالي على المشاركة في الانتخابات هو انعكاس لذلك الاستقطاب والصراع الطبقي، وهو اتخاذ موقف مناهض لنضال العمال المستقل، وسعي من جانبهم لتقوية النظام عبر دعمهم المتواضع والفاضح له بالمشاركة في الانتخابات.
ان الشكل المشخص الذي سيتخذه تطور الصراع الطبقي في العراق واي مد ثوري مقبل مرهون بتطور الحركة العمالية الصاعدة من الناحية السياسية والتنظيمية والفكرية، فلا يمكن التكهن بان يكون شكل الانتفاضة المقبلة نسخة من انتفاضة أكتوبر أخرى. ولكن ما هو معلوم هو ان الثورة لا تزال في اجندة التاريخ ليس في العراق فحسب، بل في كل منطقة الشرق الأوسط، وذلك نتيجة لتفاقم تناقضات اعمق واشمل للنظام الرأسمالي والأنظمة السياسية الإسلامية والقومية والعسكرتارية الحامية له في المنطقة.
السياسة الطبقية البروليتارية المستقلة
سبيل نجاح اية انتفاضة ثورية مقبلة
ليس هناك سبيل للخلاص من الوضع الحالي سوى تقوية مختلف ابعاد النضال الاقتصادي والسياسي والفكري والتنظيمي للطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية المفقرة والمضطهدة المحيطة بها وتوحيدها في نضال طبقي مستقل وبراية اشتراكية بروليتارية.
ان منظمة البديل الشيوعي تناضل بحزم وثبات في خندق هذا النضال الطبقي البروليتاري الاشتراكي جبنا الى جنب مع العمال والمضطهدين والمفقرين لتحقيق الرفاهية للجميع، ولبناء عالم خال من الطبقات تسوده الحرية والمساواة.
وهي، في الوقت الذي تحيي الذكرى السنوية الرابعة لانتفاضة أكتوبر تؤكد بان أخلصْ وفاء لضحاياها هو استمرار النضال لتحقيق أهداف الانتفاضة.