اغتصاب وقهر النساء جزء من استراتيجية المؤسسة العسكرية والميليشيات في السودان!

حوار أجرته (اسيل سامي) مع الناشطة النسوية (فطومة سليمان)

كشف الصراع الدائر في السودان عن أزمة إنسانية كبيرة أثرت بشكل عميق على حياة الملايين. ومن بين الفئات الأكثر تضرراً هن النساء، اللاتي ترسم تجاربهن في المعاناة مع الأوضاع المأساوية التي خلفتها الحرب، على الصعيدين الشخصي والمجتمعي، صورة في غاية المأساوية. ومن الفصول المأساوية المظلمة في حرب السودان الراهنة، الانتهاكات والعنف الجنسي ضد النساء. طوال فترة  الصراع الدائر في مختلف المدن والمناطق، صدرت تقارير وشهادات وروايات عن حالات الاغتصاب والعنف الجنسي واختطاف فتيات صغيرات واستعبادهن وغيرها من الجرائم المفزعة بحق النساء.

خلفت الحرب التي اشتعلت في( ١٥ نيسان /أبريل من عام ٢٠٢٣ )بين الجيش السوداني والدعم السريع، أزمة إنسانية تعتبر هي الأكبر عالميا حسب تقارير دولية، والتي تقول أن هناك أكثر من ثمانية ملايين نازح جراء الحرب( ٨٨% ) منهم نساء وأطفال، وهناك أكثر من أربعة ملايين امرأة وطفل يواجهون خطر الاعتداءات الجنسية، وهناك تقارير مقلقة عن وجود أسواق لبيع النساء في السودان.

وحول اوضاع النساء خلال الصراع الدائر في هذا البلد اجرت جريدة الغد الاشتراكي حوارا مع الناشطة في مجال حقوق المرأة السودانية فطومة سليمان هذا الحوار….

الغد الاشتراكي:  هل لك أن تعطينا ولو إحصائيات تقريبية عن اعداد النساء والمهجرات قسرا بسبب الحرب الدائرة بيت طرفي الصراع في السودان؟ وهل معاناة النساء أثناء النزوح اكبر من معاناة الرجال ولماذا؟

فطومة سليمان: أن أعداد النساء المهجرات في دول الجوار والنازحات في داخل السودان في الولايات شبه الأمنة، كثيرة جدا انا لا أعرف عددهن لان لا توجد منظمات إنسانية تحصي عددهن، حتي المنظمات العالمية مثل منظمة الأمم المتحدة، معاناة النساء في السودان مضاعفة مقارنة بمعاناة الرجل، الرجال هم اسباب الصراعات ونحن النساء ندفع ثمن الصراعات.

الغد الاشتراكي: استخدام النساء كوسيلة في الحرب من خلال خطف وقتل واغتصاب النساء باعتبارهن الحلقة الأضعف ضمن الظروف الحالية في السودان، كيف يمكن لك أن تشرحي للقراء هذا الامر ومدى انتشاره وآثاره الآنية والطويلة على المرأة؟

فطومة سليمان: في العالم كله، تقريبا، جسد المرأة هو ميدان ثأر، لكن هنا في السودان لدينا صراعات وحروب منذ استقلال السودان حتي اللحظة، والمرأة تعاني من القهر والاضطهاد من المؤسسات العسكرية نفسها ومن الميليشيات والذين جعلوا الاستراتيجية الحربية عبارة عن اغتصابات وقهر للنساء للانتقام من العدو، ونستطيع القول ان مقارنة معاناة المرأة السودانية بمعاناة نساء العالم بالقول، نحن نعيش في حياة اللاإنسانية.

الغد الاشتراكي: في ظل ضعف او انعدام للخدمات الصحية وقلة مياه الشرب والصعوبة في تقديم الخدمات الطبية، كيف يمكن للنساء في السودان تلبية احتياجاتهن واحتياجات اطفالهن؟

فطومة سليمان: لا يوجد اي خدمات صحية وكل المستشفيات دمرت، حتي المرضى الذين داخل العنابر تم قتلهم، واللاجئين الهاربين من نيران الحرب الي دول الجوار تعرضوا للقتل وان( ٤٠ % ) ماتوا بالهلاك، الجوع ، المرض والعطش.

الغد الاشتراكي: لنتحدث عن الظروف ما قبل الحرب الحالية، ما هي فرص المرأة السودانية في التعليم والحصول على العمل، وما هي مديات التمييز داخل المجتمع فيما يتعلق بحق النساء في التعلم والعمل؟

فطومة سليمان: يا عزيزتي تعليم المرأة في السودان قليل جدا، تقريبا نسبة( ٣٠% ) فقط نساء متعلمات، لدينا أقاليم تعاني من الحروب منذ استقلال السودان حتي اللحظة، تلك الأقاليم الملتهبة بالحروب لا يوجد فيها ابسط مقومات الحياة، لا توجد مدارس ولا مراكز صحية ولا مياه صالحة للشرب. حياة المرأة في تلك الأقاليم قاسية جدا، بالإضافة لقهر الرجل واستغلاله، وقد جعل المرأة عبده مطيعة وآلة إنتاج أبناء، وآلة إنتاج اقتصادي للرجل، والرجل هو الملك الذي يأمر وينهي.

الغد الاشتراكي: إلى اي مدى تجدين مطلب الحرية والمساواة بالنسبة للمرأة في السودان يشغل بال الأحزاب والمنظمات التحررية والاشتراكية، وكيف هو انخراط المرأة وتفاعلها مع هذه المطالب؟

فطومة سليمان: ( ٩٠% ) من الشعب السوداني تقريبا، وحتي الفئات المستنيرة والمثقفة، لا تؤمن بمساواة المرأة خصوصا عندما تنطق كلمة حقوق المرأة، هم يرونها بمثابة تعوذيدات إلحادية، لذلك النسويات “منبوذات” في مجتمعنا. وحتي المرأة لا تعي بحقوقها، لأنهن مقيدات بنصوص دينية من قبل تجار الدين والفتاوي التي نسقت في دستور السلطة الذكورية، وعندما اتكلم عن حقوق المرأة اجد معارضة من النساء أكثر من الرجال.

الغد الاشتراكي: كيف يمكن أن تتحول النساء إلى قوة فاعلة في السودان، بحيث تستطيع انتزاع حقوقها؟

فطومة سليمان: تتحول النساء الي قوة فاعلة بالتعليم وبالوعي النسوي والاعلام المكثف، وإضافة منظمات نسوية في الأقاليم الأكثر احتياجا للوعي. لدينا منظمات نسوية لكن لا تمتلك الحرية الكافية لمساعدة النساء لان المجتمع لا يدرك ولا يعترف بحقوق المرأة.

الغد الاشتراكي: إلى اي مدى تجدين ان القوى الدينية والقبلية والقومية في السودان تعمل على إبقاء الهيمنة على النساء وتعمل على اخضاعهن في سبيل الإبقاء على هذه المنظومات؟

فطومة سليمان: نظام الحكم في السودان مبني علي العنصرية والقبلية، فئات معينة فقط لديهم صلاحيات في حق التعليم، الحرب الدائرة الان سببها عنصرية الدولة يا عزيزتي، نحن بحاجة لدولة، دولة قانون وحريات لأمن واستقرار المرأة .

الغد الاشتراكي: أخيرا ما هي رسالتك التي تودين توجيهها عبر جريدة الغد الاشتراكي إلى كل التحررين في المنطقة والعالم؟

فطومة سليمان: إلى كل نساء العالم معاناتنا مشتركة، فلنعمل من أجلنا، نحن لسنا من نصنع معاناتنا ولسنا جزء من صراعات العروش، نحن عبارة عن آليات قهر وابتزاز من قبل المجتمع الذكوري، لنناضل من أجل مصيرنا وحتما سننتصر.

 

تم نشر هذا الموضوع في العدد 40 من جريدة الغد الاشتراكي تموز 2024

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.