مؤيد احمد
نهاية عام 2021 وتحديدا في 25 -12-2021، تم ارسال تلسكوب “جميس ويب” الى الفضاء من قبل “وكالة ناسا” لبحث المجرات بعد ” نشوء الكون منذ 13.8 مليار سنة حيث من المتوقع ان يرى هذا التلسكوب احداث الكون بعد 250 مليون سنة من نشوئه عن طريق تحسسه بموجات تحت الحمراء لهذه الاحداث”.
تتوفر معلومات كثيرة حول هذا التلسكوب على الانترنيت، حيث لا حاجة هنا الى المزيد، اذ ما استوجب ان اركز عليه بمناسبة العام الجديد، وهو ان هذا الإنجاز العظيم وهذا المكسب الكبير للمعرفة البشرية وامكانياتها التكنولوجية مع آلاف الأبحاث والاستنتاجات في مجالات العلوم المختلفة كعلم الفلك والاحياء والكيمياء والفيزياء والطب وفروعها المعاصرة العديدة، تُجسد النظرة المادية المتماسكة الثورية والتاريخية الى العالم والمجتمع. هذه النظرة الى العالم هي التي تحتاجها الطبقة العاملة وسائر المضطهدين كي تكون اداة نضالها من اجل التحرر من عبودية النظام الطبقي الرأسمالي المعاصر ولدك أسس واركان المثالية الفلسفية بمختلف اشكالها الدينية والفلسفية التأملية التي تدافع بأشكال مختلفة عن هذا النظام الطبقي.
ان الماديين العَلمانيين البرجوازيين والتيار البرجوازي العَلماني القومي والليبرالي على العموم، ليسوا ماديين ثوريين متماسكين حيث تملي مصالحهم الطبقية ان لا يكونوا كذلك. وهم، ومن حيث الأساس، يناهضون إيجاد التغيير الثوري الاشتراكي للمجتمع وبالتالي يناهضون المادية الثورية التي تبحث عن أسس خلاص الانسان من نير النظام الطبقي. ما يهمهم هو الإبقاء على ما هو موجود، وهذا بالضرورة يجعل منهم انصاف ماديين يسدون الطريق بوعي امام تحول المكتسبات العلمية الثورية الى تراث البروليتاريا والمضطهدين كي لا يستخدمونها في نضالهم التحرري.
ان كون ممثلي راس المال ومؤسساته العالمية و”وكالة ناسا” نفسها اطلقوا الصاروخ الذي يحمل التلسكوب “جيمس ويب” في يوم “ميلاد المسيح”، يوضح لنا الكثير، اذ ان هؤلاء يعرفون تماما ما ستوجهها الإنجازات العلمية الكبيرة تلك من ضربات الى اركان الفلسفة المثالية والدينية. فها نحن نراهم كيف، ومنذ سنوات عديدة، يحاولون دعم مؤسسات معينة اكاديمية دينية لإعداد أبحاث كهنوتية تبرر التضاد الذي تظهره للعيان عادة الإنجازات العلمية لـ “ناسا”، من حيث احتمال وجود الحياة واحياء ميكروبية في كواكب أخرى في الكون، مع الرؤية المثالية والدينية للعالم. وذلك لدرء الخطر عن استمرار تسلط هذه النظرة المثالية والدينية على اذهان الطبقات والفئات المضطهدة والمفقرة للبشرية.
اليوم ونحن ندخل العام الجديد 2022 ، فان كل مكسب وتقدم في المعرفة البشرية العلمية يؤثر بشكل او بآخر على النضال التحرري للطبقة العاملة والمحرومين والمضطهدين حيث يعتبر خطوة لان تخوض هذه الطبقة وهذه الفئات النضال على أرضية هذه المكتسبات وتخطو باتجاه الخلاص من النظام الطبقي الحالي بفلسفته المثالية ودكتاتورية الطبقة البرجوازية واشكالها السياسية الدينية والقومية والفاشية والليبرالية.
1 كانون الثاني 2022