دخلت حرب الإبادة الجماعية لسكان غزة يومها الثامن بعد المئة اليوم الإثنين 22 من كانون الثاني 2024، وما يزال النظام الإسرائيلي الفاشي، وبدعم كامل من الامبريالية الامريكية، يديم بهذه الحرب الاجرامية التي بات يتوسع نطاقها على صعيد المنطقة.
وصلت ضحايا هذه الحرب على سكان قطاع غزة، لحد الان، حسب آخر احصائيات الدوائر الصحية في هذا القطاع، الى ما يزيد عن 25 الف قتيل، اكثر من 10 آلاف منهم اطفال، وكذلك ما يزيد عن 63 الف جريح، هذا بالإضافة الى الآلاف من الضحايا وهم لا يزالون تحت الأنقاض. كما وتشير بعض التقارير الى تدمير70% من البنية التحتية والخدمية للقطاع، ووصل عدد ممن نزحوا من سكان غزة داخليا، حسب التقارير، حوالي 1.9 مليون نسمة من اصل 2.3 مليون، وهم يعيشون في احلك الظروف. وبموازاة ذلك، ولحد الان، قامت القوات الإسرائيلية، حسب بعض التقارير، بقتل اكثر من 350 شخصا، خلال الاغتيالات والمداهمات العسكرية في الضفة الغربية. تأتي هذه المجازر وهذا الدمار والتهجير على خلفية العمل العسكري والارهابي لحماس على محيط غزة والذي اسفر عن مقتل 1200 من الإسرائيليين ووقوع 250 منهم اسيرا حسب بعض التقارير.
قامت الدولتان الامبرياليتان، أمريكا وبريطانيا، بشن أولى غاراتهما على المواقع العسكرية للحوثيين في اليمن، بالصواريخ والقصف الجوي انطلاقا من مواقعهما العسكرية من الغواصات والسفن الحربية المرابطة في المنطقة، وذلك يوم الخميس المصادف 11 كانون الثاني، وما زالت هذه الغارات مستمرة والتي بدورها تشكل تطورا في الحرب على غزة.
الحرب في غزة، حرب إسرائيلية-أمريكية
ان من يتحكم بالنظام الدولي الذي تجري امام انظاره كل هذه الجرائم البشعة وهذه التصفية الجماعية للإنسان الفلسطيني، هي الامبريالية الامريكية والدول الإمبريالية الغربية الاخرى المتحالفة معها، وذلك بالرغم من اتسام العالم الحالي بتعدد الاقطاب. اصرت أمريكا بالدرجة الأساس وحليفتها بريطانيا، بشكل فاضح، على استمرار هذه الإبادة الجماعية، واعاق النظام الامريكي أية مبادرة لإيقافها في مجلس الامن، وذلك بدون أدنى اعتبار حتى للمعارضة الجماهيرية الواسعة والمتواصلة في امريكا والغرب، بوجه الحرب والجرائم الرهيبة في غزة.
لاشك، ان سبب ذلك هو ان هذه الإبادة الجماعية سياسة واستراتيجية مشتركة لإسرائيل وأمريكا، فهي من جانب، امتداد لكل ما ترتكبه اسرائيل بحق الفلسطينيين منذ 75 عاما من عمر هذه الدولة الدينية والعنصرية وقمعها الفاشي بحق الفلسطينيين، ومن جانب آخر، هي امتداد للسياسة والاهداف التوسعية لإسرائيل في فلسطين ومساعيها لترحيل سكان قطاع غزة واحتلاله، والسياسات والاستراتيجية الامبريالية الامريكية لترسيخ هيمنتها في المنطقة، وتتواصل هذه السياسة في شكل الإبادة الجماعية الحالية لسكان غزة.
ان ضرب الحوثيين في اليمن، من قبل أمريكا وبريطانيا، تجسيد لسياسات هاتين الدولتين المساندة لإسرائيل، والهدف منه بالدرجة الأساس، هو درء المخاطر الخارجية عنها وخلق الأجواء الملائمة لها كي تديم بحربها الاجرامية في غزة وتنجز أهدافها العسكرية ضد حماس، اذ يرون ذلك وسيلة للحفاظ على هيبتهم كدول مهيمنة ولإدامة سيطرتهم على مسارات الأمور في المنطقة. وهذا بالرغم مما تدّعيه أمريكا من ان عملياتها ضد الحوثيين مجرد رد فعل على ما يقوم به هؤلاء من ضرب مصالح التجارة والملاحة العالمية في البحر الأحمر.
ان وجود إسرائيل كدولة عسكرتارية دينية وشوفينية امتداد لقوة الامبريالية الأمريكية، اذ تشكل هذه الدولة راس رمحها في منطقة الشرق الأوسط، وهذه هي الاستراتيجية المعمول بها منذ تأسيس اسرائيل ولحد الان. في خضم التقسيم الامبريالي للعالم وتقاسم مناطق النفوذ بين مختلف القوى الامبريالية، طوال كل تلك الحقبة من الزمن، ظلت منطقة الشرق الأوسط، ليست منطقة نفوذ أمريكا فحسب، بل مركزاً لتوطيد سيطرتها وهيمنتها كقوة عظمى على الصعيد العالمي، لذا نراها عملت على الدوام على إعادة انتاج هذه السيطرة بوجه خصومها من القوى الامبريالية الأخرى.
ان حرب أمريكا على العراق واحتلاله عام 2003، وقبلها حرب الخليج الأولى عام 1990، واستمرار تواجد امريكا العسكري في العراق وسوريا حاليا، وقيامها بالعمليات العسكرية في هذين البلدين، تحت يافطة مقاومة داعش، وتعزيز مواقعها العسكرية وزيادة اعداد سفنها الحربية وغواصاتها في المنطقة باستمرار، وتدخلها المباشر في الحرب الحالية لإسرائيل على غزة، وأخيرا ضرب الحوثيين في اليمن، وعملياتها بضرب اذرع النظام الإيراني في سوريا والعراق وبقية بلدان المنطقة، تشكل بمجملها، مظاهر استمرار هذه القوة الامبريالية الارهابية وهذه القوة الرجعية الاكثر بأسا في العالم، على صعيد المنطقة، وهي تجليات إعادة انتاج سيطرتها ونفوذها فيها بوجه خصومها الإمبرياليين من روسيا والصين وخصومها من القوى الإقليمية وبالأخص النظام الإيراني في الوقت الحاضر.
ان احتمالات توسع دائرة حرب غزة وانفلات الأمور من أيدي إسرائيل وامريكا واردة كما ما هو وارد في الكثير من الحروب، ولكن اذا صادف ان يحدث هذا التطور فانه سيحدث، في عالم اليوم والذي هو عالم متعدد الأقطاب وضمن هذا التقسيم العالمي لمناطق النفوذ. ان ما يبدو واضحا الان هو ان هذه الحرب باتت تتوسع في المنطقة بشكلها الحالي اي في اطار الصراع بين هذا القطب الامبريالي الأمريكي-الإسرائيلي وبين النظام الإيراني واذرعه الميليشية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
الأرضية الاقتصادية وعملية التطبيع
ومع اخذ كل ذلك بنظر الاعتبار، فان الامر الاهم، هو ان هذه الحرب تجري على الأرضية الاقتصادية للرأسمالية العالمية المعاصرة والسوق العالمية لراس المال، والصراعات الجيو سياسية والجيو اقتصادية المرافقة لحركة راس المال. لذا نرى انه وبالرغم من كل هذه البشاعة التي تجري في غزة، بقيت معظم الأنظمة الحاكمة في العالم العربي ساكتة على ما يحدث، ليس فقط من باب المخاطر التي تهددها من جراء انجراراها الى هذه الحرب، بل أيضا بسبب تشابك مصالح راس المال وعملية تراكمه في المنطقة، التي تفرض نفسها على سياسة الانظمة الحاكمة الرأسمالية في هذه البلدان، والتي تتناغم مع مصالح راس المال الإسرائيلي والغربي كذلك. ان عملية تراكم راس المال هذه مدعومة بسياسات نيو ليبرالية اقتصادية لهده الدول والأنظمة وبحرب طبقية شرسة على كل نضال جماعي للعمال والشغيلة ومنظماتهم الجماهيرية. لذا نرى انه بالرغم من مآسي جماهير فلسطين وإبادة سكان غزة فان متطلبات عملية التطبيع مع إسرائيل لخلق أجواء مناسبة لتراكم راس المال الخليجي وبلدان المنطقة، تضع بثقلها على المسارات الأساسية السياسية والعسكرية فيها.
ان سياسة هذه الأنظمة تجاه قضية فلسطين هي إيجاد حل صوري برجوازي لها متمثل بتشكيل الدولتين بناءً على مشروع أوسلو الامبريالي الذي لم يكن سوى محاولة من قبل الدول الامبريالية الغربية لدعم إسرائيل والاجهاز على الانتفاضة الأولى للفلسطينيين.
إن “حل الدولتين” هو حل صوري وبات اليوم يفتقد الى مقومات مادية على الأرض لتشكيل دولة مستقلة في فلسطين ذات سيادة بموازاة إسرائيل بحيث تلبي مطالب جماهير فلسطين للتحرر من الاحتلال والقمع والتهجير والتميز العنصري، وذلك بسبب سياسات إسرائيل التوسعية والعنصرية خلال الثلاثين سنة الماضية. فهدف هذه الأنظمة من طرح هذا الحل هو وبالدرجة الأساس لغرض إزالة القضية الفلسطينية كعائق امام عملية التطبيع، وإسكات الاعتراضات الجماهيرية في بلدانها على جرائم إسرائيل المتواصلة بحق الفلسطينيين.
ان تجربة العقود الثلاثة الماضية جعلت من حل الدولتين بشكله الحالي وتحت سلطة منظمة تحرير الفلسطينية الفاسدة ليس سوى ادامة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتوطيد نظامها العنصري والمزيد من بسط سياستها التوسعية وانشاء المزيد من المستوطنات والقتل والتنكيل بحق الفلسطينيين.
ان قضية فلسطين وما رافقتها من مجازر وتهجير وقمع بحق الفلسطينيين، والتي عانت منها أجيالا بعد أخرى، تستمر اليوم في خضم الصراعات الجيو-سياسية والجيو اقتصادية العالمية والإقليمية الدائرة حاليا، وان حرب الإبادة على غزة تشكل احدى تجلياتها ومحطاتها الأكثر دموية ومأسوية.
ان آفاق الحل الجذري لقضية فلسطين بات مرهونا اكثر فاكثر بتطور النضال الطبقي للعمال والكادحين والمضطهدين في عموم المنطقة وداخل فلسطين وإسرائيل، في خضم مسارات العالم المعاصر، وبمدى تجسيد وحدة النضال بين مختلف جماهير الشغيلة في هذه البلدان على أساس مصالحها الطبقية الاشتراكية والتحررية.
ان الشكل السياسي الذي سيتحقق فيه حق تقرير المصير السياسي للجماهير في فلسطين والنظام السياسي الذي سيتم بنائه على انقاض انهاء احتلال إسرائيل لفلسطين والنظام العنصري المفروض، وما يرافقهما من ظلم ومجازر وتهجير، مرهون بتطور هذا النضال الطبقي الاممي الاشتراكي وبضمان حق جماهير فلسطين في اختيارها للشكل السياسي الذي تريدها.
على هذا المسار، فان أي حل انتقالي، يتمخض عن توازن قوى جديد لصالح نضال ومقاومة جماهير فلسطين والمدافعين التحررين عنهم في العالم والمنطقة بوجه إسرائيل والدول الامبريالية الداعمة لها، والذي سيضع حدا لمعاناة الفلسطينيين ويضمن قسما من حقوقهم في التحرر من قبضة الاحتلال والقمع والمجازر، سيكون محل تأييدنا ايضا.
موقع حماس والتيارات الإسلامية والقومية وانظمتها في المنطقة
ان حماس وكل أنظمة الثورة المضادة الحاكمة في المنطقة، وقواها وتياراتها من الإسلام السياسي والقوميين والنيو ليبراليين، وأمثالهم ممن يتبنون نفس خطهم ولكنهم يقفون في صف المعارضة لهذه الأنظمة، يستغلون نضال ومقاومة جماهير فلسطين بوجه الظلم القومي الإسرائيلي عليهم، كحال استغلالهم للنضالات الثورية لجماهير العمال والكادحين والتحررين في المنطقة بوجه البرجوازية الامبريالية الامريكية وحلفائها وما سببتها هذه القوى من الدمار والافقار على مر العقود.
ان تلك القوى ليست سوى قوى رجعية برجوازية، لا تمت بصلة للنضال العادل والثوري للجماهير الفلسطينية وجماهير العمال والكادحين والمفقرين في المنطقة. ان هذه القوى والانظمة مجتمعة ليست جزءً من صف نضال جماهير الشغيلة والمفقرين، انما هم قوى للإجهاز على هذا النضال وسد الطريق امام تطوره باتجاه استهداف النظام الطبقي الرأسمالي السائد، والنظام السياسي الإقليمي الحامي له، وما يجري في اطارهما من افقار وفرض للبؤس الاجتماعي.
ان معظم الأنظمة التي تحكم بلدان الشرق الأوسط هي أنظمة ثورة مضادة، خانقة للثورات الحديثة التي انبثقت في المنطقة، وهي أنظمة لتلك القوى التي صعدت الى السلطة على انقاض الانتفاضات والثورات السياسية والاجتماعية التي قامت بها الجماهير، مثل صعود الجمهورية الإسلامية على انقاض الثورة في ايران عام 1979، مجيء نظام السيسي في مصر 2013 على خلفية اجهاض ثورة الجماهير هناك، النظام الحالي في تونس على انقاض ثورة 2011، القوى العسكرية والميليشية الحاكمة في السودان على انقاض الحراك الجماهيري الثوري خلال السنوات الأخيرة في البلاد، النظام الإسلامي والقومي الحالي في العراق بعد قمع انتفاضة أكتوبر 2019، ونظام الاسد وجرائمه لخنق بدايات الانتفاضة الجماهيرية في سوريا 2011 وغيرها. كما وترتبط المصالح الاقتصادية لجميع دول الخليج بمصالح أمريكا وغيرها من القوى الامبريالية الغربية فضلا عن ارتباط امنها واستمرار بقائها كأنظمة بدرجة كبيرة بأمريكا والقوى الإمبريالية الغربية.
ان موجات الانتفاضات الثورية لجماهير العمال والكادحين والمفقرين وموجات الانتفاض الثوري للنساء المضطهدات والشبيبة المعطلة عن العمل وكل التحررين بوجه مجمل هذه الأوضاع، مستمرة، وتظهر على السطح بين فترة واخرى في المنطقة، لتعبر عن ضرورة بديل طبقي عمالي اشتراكي لكل ما هو سائد.
المهمة هي استهداف النظام بمجمله
ان الرأسمالية المعاصرة تمر بعهد أزمات مركبة ومتعددة، اقتصادية وسياسية، تحولت في الكثير من بلدان العالم الى ازمات اجتماعية متفاقمة، وصراعات سياسية على أساس طبقي، دون وجود آفاق امام البرجوازية للخروج منها بسهولة. كما ان البرجوازية الامبريالية الغربية والنظام الإسرائيلي بالرغم من كل ما يتباهون به من اقتدارهم وجبروتهم العسكري، الا انهم ليسوا بمأمن عن هذه الازمة الاجتماعية المتفاقمة في قلب الرأسمالية النيوليبرالية المعاصرة، لا بل يعيشون لحظاتها. هذا، وان النظام الإيراني بوصفه نظام البرجوازية المضادة للثورة، وبالرغم من كل ما يتمتع به من الاقتدار العسكري وما يقوم به من الاعمال الإرهابية، فانه يعيش عهد ازمة خانقة اقتصادية، تحولت الى ازمة اجتماعية واسعة واحتجاجات جماهيرية ثورية متتالية ومتواصلة.
ما تعانيه الطبقة العاملة والشغيلة والنساء والشبيبة والطلبة من الاضطهاد الاقتصادي والتمييز والافقار، وما تواجهه من القمع السياسي والفكري والثقافي، ناتج عن ويجري داخل النظام الرأسمالي بوصفه تشكيلة اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية. فهم كطبقة وفئات اجتماعية مترابطة الواحدة بالأخرى، ومصالحها متداخلة يشكلون معظم سكان المنطقة، وهم قوة اجتماعية لا يمكن قهرها اذا وحدت صفوف نضالها على أساس مصالحها الطبقية المستقلة.
ان المصلحة الطبقية المستقلة لهذه الجماهير تستلزم خوض النضال ضد النظام بمجمله، وتجسيد هذه الرؤية السياسية والفكرية الطبقية المستقلة في نضالهم المحدد الجاري في مختلف الميادين، وكجزء مكمل لهذا النضال العام ضد النظام. وأول ما يتطلبه هذا الامر هو عدم تشتيت نضالهم تحت تأثير الآفاق السياسية والفكرية للبرجوازية القومية والدينية والنيو ليبرالية، والانجرار وراء سياسات وممارسات تياراتها واحزابها من تأجيج نار التعصب القومي والديني والعنصري وتقوية التسلط الذكوري.
الانتفاضة الثورية في المنطقة ما بعد حرب الإبادة في غزة
لقد بينت تجارب الانتفاضات والثورات عموما، وبالأخص الحديثة منها التي جرت في المنطقة، ان غياب الصف الطبقي المستقل للطبقة العاملة والفئات الاجتماعية المضطهدة والمقهورة، وعدم تحول اجندتها وآفاقها الاشتراكية الى محور تقدم هذه الانتفاضات وانتصارها، وعدم نمو تيار ماركسي ثوري متحزب ومتجذر داخل الحركة العمالية وعلى صعيد المجتمع، حالت دون نجاح هذه الانتفاضات، لا بل ادت الى تراجعها وسيادة فترة مظلمة من صعود الدكتاتوريات والقوى الإرهابية والميليشية لتيارات الإسلام السياسي والقوميين والعسكريين، وفرض المزيد من البؤس الاقتصادي والحرمان على الجماهير.
مع حرب الإبادة الجماعية في غزة، تحولت القضية الفلسطينية مجددا وبوزن كبير الى قضية رئيسية في مركز السياسة في بلدان المنطقة؛ اذ ان هنالك موجة عارمة من الغضب الجماهيري بوجه الأنظمة الحاكمة في البلدان العربية وعموم الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بوجه إسرائيل وأمريكا ومجازرهم بحق الفلسطينيين. فمجمل هذه التطورات تساعد على خلق أجواء لانتعاش الأفكار والسياسات الإسلامية والقومية وتياراتها المناهضة لإسرائيل وامريكا وبقية الدول الإمبريالية الغربية، ما يفتح الأبواب لهذه للتيارات والأحزاب لتوجيه مساعيها للإجهاز على انتفاضات واحتجاجات جماهيرية مستقبلية للشغيلة والمضطهدين، وذلك بجر الجماهير الى اجندتهم السياسية والايديولوجية وابعادهم عن تحقيق وحدتهم على أساس طبقي اممي وتحرري والتي هي الضمان الوحيد لانتصار الانتفاضات.
ان الانتفاضات الثورية المقبلة لا يمكن ان تنتصر بدون احراز التقدم في فصل صفوفها عن جميع التيارات والحركات البرجوازية، وآفاقها القومية والدينية والليبرالية، والتقدم على أساس سياسة وبرنامج طبقي مستقل. ان مسار التطور التاريخي يمر عبر تطور الصراع الطبقي البروليتاري في المنطقة، وكل ما يعيق ذلك هو بذور لإخفاق المساعي الجماهيرية الثورية.
ان الصراع ضد إسرائيل وضد الامبريالية الامريكية والغربية، لا يشكل مرحلة نضال ما يسميه القوميون “مرحلة التحرر الوطني”، انما هو جزء من نضال سياسي واجتماعي طبقي لطبقة اجتماعية واسعة وثورية، وهي البروليتاريا، ووحده هذا النضال بإمكانه تحرير الجماهير من بأس هذه القوى الامبريالية بشكل مستقل عن البرجوازية وقواها وتياراتها.
ان نظرية المرحلتين في النضال الاشتراكي، التي طالما تروج لها الأحزاب و التيارات “الستالينية” وغيرها من الجناح اليساري للحركة القومية، في بلدان مثل الشرق الأوسط، تقسم النضال البروليتاري الى مرحلتين؛ مرحلة “الثورة الديمقراطية البرجوازية” او “التحرر الوطني من الامبريالية”، ومرحلة “الثورة الاشتراكية البروليتارية”، وذلك بذريعة عدم نضج الظروف الموضوعية لنضال البروليتاريا الاشتراكي وعملها السياسي المستقل. ان هذه النظرية ليست سوى نظرية برجوازية، هدفها اجهاض مساعي الشغيلة والمفقرين لكسب استقلالهم السياسي عن البرجوازية القومية وما يسمى بـ”البرجوازية الوطنية” وعن التيارات الدينية والنيو ليبرالية وبالتالي سد الطريق امامهم على اخذ زمام السلطة بأيديهم لإيجاد التحول الاشتراكي.
ان النضال الثوري ضد مختلف القوى الامبريالية والإقليمية المتحكمة بمسارات السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية في المنطقة، جزء من مهام اية انتفاضة ثورية للعمال والكادحين، وهذا ما يجعل من قضية فلسطين وإيجاد حل لها من رؤية طبقية بروليتارية اشتراكية امرا مطروحا في اجندة الانتفاضات الثورية المقبلة.
ان الانتفاضات الثورية للبروليتاريا في المنطقة تنبثق من رحم النظام الرأسمالي السائد وتتسم بطابع اممي، اذ ان العملية الثورية التي تنتجها هي بالأساس عابرة لحدود الدول والقوميات، وبالتالي تنبثق عنها سلسلة من انتفاضات مرتبطة الواحدة بالأخرى. ومع التقدم الجدي والنوعي للحركة العمالية والبروليتاريا الاشتراكية وتأمين سيادة افقها السياسي التحرري على أية انتفاضة في احدى البلدان الكبيرة في المنطقة ستحفز على انبثاق انتفاضات ثورية في الدول الأخرى.
لذا ومن حيث المبدأ فان الثورة الاشتراكية لبروليتاريا المنطقة هي وحدها التي بإمكانها إيجاد الظروف الواقعية للحل الجذري لقضية فلسطين، وجميع القضايا القومية العالقة في المنطقة، بما فيها القضية القومية الكردية وقضايا اضطهاد الأقليات والفئات الاجتماعية الأخرى على أساس القومية والدين واللون والطائفة، وذلك بناءً على وحدة نضال بروليتاريا الاشتراكية لجميع البلدان، والتعاون المشترك بينها، وإيجاد الأطر السياسية المناسبة لحل هذه القضايا وضمان حرية الجماهير في اختيار نظامهم السياسي.
ان انهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والنظام العنصري القائم وتحقيق الاستقلال السياسي للفلسطينيين، ضمن نظام سياسي اشتراكي فيدرالي سائد في المنطقة، سيضمن الحقوق والحريات للفلسطينيين والإسرائيليين ويوفر الأرضية للعيش في سلام دائم.
بناءً على ما تقدم، تتبنى منظمة البديل الشيوعي في العراق المهام التالية:
- الاستمرار بالنضال جنبا الى الجنب مع الطبقة العاملة وجميع القوى الاشتراكية والتحررية والإنسانية في العالم والمنطقة، من اجل الإيقاف الفوري والدائم للحرب والإبادة الجماعية في غزة وفلسطين.
- التضامن مع النضال المستقل للجماهير المضطهدة في عموم فلسطين، بوجه الظلم والاضطهاد القومي والجرائم التي تمارسها دولة إسرائيل بحقها، والسعي من اجل تطوير هذا النضال بشكل مستقل عن جميع التيارات والأحزاب القومية والاسلامية.
- النضال من اجل إيجاد اوثق الروابط والتضامن الاممي بين نضال العمال والكادحين والتحررين في كل من فلسطين وإسرائيل وعلى صعيد المنطقة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وجميع الأراضي المحتلة وإلغاء النظام العنصري القائم في كافة اشكالهما وتامين حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
- النضال من اجل حل القضية الفلسطينية من وجهة نظر تقدم مصالح نضال العمال والكادحين الاشتراكية في فلسطين وإسرائيل وبلدان المنطقة وضمان حق الجماهير في فلسطين في تقرير المصير السياسي والشكل المناسب الذي سيتخذه وفق هذا التوجه الاممي لعيش الجميع بسلام .
- العمل من اجل تقوية نضال البروليتاريا وجماهير الشغيلة والمفقرين والتحررين في مختلف بلدان المنطقة وعلى صعيد العالم، كي يكون نضالا امميا مؤثراً بوجه القوى الامبريالية والإقليمية وهيمنتها وتدخلها العسكري في بلدان المنطقة.
- النضال من اجل تطوير تيار ماركسي قوي ومؤثر، متبني لخط الثورة الاشتراكية والاممية في جميع بلدان المنطقة، وإيجاد الارتباط الاممي المتماسك فيما بينها على أساس تبني النظرية والبرنامج الماركسي والانخراط العملي في صف النضال البروليتاري.
- العمل من اجل ان تلعب الحركة العمالية في كل بلد من بلدان المنطقة دورها الطليعي في نضال جماهير المفقرين والمضطهدين والتحررين وانتفاضاتهم الثورية.
- العمل من اجل انبثاق وتطوير حركة نسوية تحررية اممية على صعيد المنطقة، تتبنى الأفق السياسي الثوري الاشتراكي، وتناضل بثبات من اجل تحقيق تحرر المرأة ومساواتها.
- العمل على تطوير حركة شبابية جماهيرية تحررية في المنطقة تناضل من اجل تحقيق تطلعات الشباب والشابات في تامين العمل والرفاهية والحرية والابداع.
- توحيد ناشطي الخط البروليتاري الثوري والاشتراكي في جميع الانتفاضات والنضال من اجل تحوله الى الخط السائد فيها.
تواصل منظمة البديل الشيوعي في العراق نضالها بثبات، كتيار وفصيل في الحركة البروليتارية الاشتراكية العالمية، من اجل تحقيق المهام أعلاه وأهدافها الشيوعية التحررية داخل العراق.