معا لتقوية النضال السياسي المستقل لجماهير العمال والمفقرين والتحرريين
بيان منظمة البديل الشيوعي في العراق
ادامةً للانتخابات المبكرة لعام 2021 والتي لم تكن شيئا سوى سيناريو رجعي لقوى الثورة المضادة من اجل حماية النظام السياسي البرجوازي الإسلامي والقومي القائم في العراق وترسيخه وردم الهوة التي اوجدتها الهبة الجماهيرية الثورية لانتفاضة أكتوبر 2019 في بنيانه، بدأت نفس تلك القوى تطلق حملة انتخابات جديدة يتم اجراؤها في 11 تشرين الثاني من هذا العام.
ان قوى النظام بمختلف اطيافها من الإسلاميين والقوميين والنيو ليبراليين ومن المواليين للنظام الإسلامي في إيران او المرتبطين بالإمبريالية الأمريكية والغربية وحلفائها من دول المنطقة، ومن هم في الحكومة الحالية والمتنفذين في الدولة ومؤسساتها القمعية والإدارية او من يعتبرون أنفسهم معارضين برلمانيين سياسيين، جميعها باتت تصطف للمشاركة في انتخابات هذا العام مع فرق واحد وهو مقاطعة الانتخابات من قبل فصيلة احتياطية منهم وهي التيار الصدري. لا شك، ان الأخير يفعل ذلك للحفاظ على النظام نفسه ولإبقاء قبضته على جماهيرها المتأثرة بالأيديولوجية الطائفية ولإنجاز مهمتها فيما يخص احتواء أي مد ثوري قد يتصاعد إثر اشتداد تناقضات النظام الاقتصادي – الاجتماعي والسياسي والفكري القائم بمجمله.
لقد أقحم الحزب الشيوعي العراقي نفسه في هذه المهزلة البرلمانية لتلك القوى وذلك بعد ان انسحب في الدورة السابقة من البرلمان تحت ضغط ضربات انتفاضة أكتوبر. لذا فان مشاركته هذا العام ذات صلة وثيقة، ومهما كانت تبريراته، بظروف ما بعد تراجع الانتفاضة المؤقت وتصاعد الرجعية وتزايد سيطرة قوى الثورة المضادة الإسلامية والقومية على المشهد السياسي.
هم يشاركون في هذه الانتخابات كجزء من حماة النظام البرجوازي الطائفي والقومي القائم، ولكن بشعارات ومطالب خادعة مستعارة من المنهج والفكر الليبرالي مثل الدولة المدنية وحصر السلاح بأيديها ومقاومة الفساد وانهاء الطائفية، وهذا في حين ان الانتخابات نفسها تعمل كوسيلة لإعادة انتاج النظام بمجمله بفساده وطائفيته وميليشياته، ودولته القومية، والدينية، والطائفية الاستبدادية.
كما وان مشاركة الأحزاب الأخرى في الحركة الشيوعية واليسارية في الانتخابات الحالية تشكل تكتيكا سياسيا تتوج به عملية الابتعاد عن الخط الطبقي البروليتاري الثوري مبنيا على أساس الانسياق الى ما هو سائد في أجواء الحياة السياسية الحالية في البلاد في أوساط البرجوازية وتياراتها السياسية والفكرية واحزابها، والتي تطبل ليل نهار للبرلمانية والنظام البرلماني وللمشاركة في البرلمان بوصفها العمل السياسي “المؤثر” و”المرتبط بالمجتمع” وقضاياه في اقليم كوردستان وفي عموم العراق.
ان من ينشر الوهم في أوساط اليسار والأحزاب الشيوعية في العراق وفي إقليم كوردستان، للانتخابات والنظام البرلماني القائم، بكون المشاركة في الانتخابات الحالية وسيلة لإيجاد التغيير في حياة الجماهير، يطبق سياسة خاصة بمصالح حزبه ويتابع إستراتيجيته السياسية ما فوق الطبقية الشعبوية البعيدة عن المصالح السياسية لجماهير الشغيلة والشبيبة والنساء المضطهدات ونضالها في فرض الإصلاحات، دع جانبا نضالها الثوري ضد مجمل النظام الاقتصادي والاجتماعي والبناء الفوقي القائم عليه.
ان الاستقطاب الطبقي المتزايد في المجتمع وسعة النضالات الاقتصادية والسياسية والفكرية لهذه الجماهير قد جعلا من تأطير النضال السياسي والاجتماعي ضمن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الكارتونية في عموم العراق جملة فارغة لا معنى لها.
ان افلاس البرلمان والعملية الانتخابية لإيجاد أي تغيير، مهما كان بسيطا، في حياة معظم المواطنين لم يكن واضحا قدر هذه الدورة الانتخابية، ليس هذا فحسب، بل ان الانتخابات والعملية الانتخابية باتت تعكس ازمة النظام البنيوية بشكل متزايد وتكشف عن تضاده الصارخ مع مصالح العمال والكادحين والموظفين وسائر جماهير الشغيلة والمفقرين في نيل عيش رغيد، وفي ضمان حقوقها وحرياتها، ناهيك عن حماية مدنية المجتمع.
لقد مرر البرلمان الحالي قوانين تصادر الحريات السياسية والمدنية وسن قوانين تقوّي الطائفية ودور الميليشيات وتجذّر المحاصصة السياسية القومية والطائفية في كامل بنيان النظام. كما انه، وكبرلمان رأسمالي فاسد، استمر في سن المزيد من قوانين وسياسات نيو ليبرالية اقتصادية لخصخصة مفاصل الحياة الاقتصادية والخدمية العامة من صحية وتعليمية وغيرها وفتح الأبواب امام المزيد من تراكم راس المال في أيدي الأقلية وبالأخص المتنفذين في الدولة ومؤسساتها المختلفة، ومن حولهم من الرأسماليين، وبالتالي افقار معظم الجماهير.
كما ومرر البرلمان الحالي، عبر صفقة محاصصاتيه مشينة، قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية 188 وسن مدونة الاحكام الشرعية الجعفرية التي تشكل أكبر هجمة رجعية استعبادية على حياة ومعيشة المرأة وحقوقها وحرياتها ومساواتها منذ عقود، والتي تفتح الأبواب على مصراعيها لتزويج القاصرات من عمر 9 سنوات. وان الانتخابات الحالية تحمل في طياتها هذه الهجمة بحق نساء العراق وتضفي بطابعها على هذه الانتخابات.
هذا وان حكومة السوداني المنبثقة عن الدورة البرلمانية السابقة وحكومة إقليم كوردستان التي تحكم وفق اطر ما فوق البرلمانية، ولكن باسم البرلمان، حولتا جماهير العمال والموظفين والمعلمين في الإقليم الى فريسة صراعاتهما حيث ازمة عدم صرف الرواتب فرضت، ولا تزال، البؤس الاقتصادي والافقار عليهم.
لقد تحولت حملة الانتخابات الحالية بشكل فعلي وعلى غرار الدورات السابقة، لا بل وأكثر، الى أدوات سياسية وايديولوجية أيضا لمزيد من ترسيخ تقسيم المجتمع على أساس قومي وطائفي وترسيم الحياة السياسية والثقافية له وفق هذا التقسيم. كما وباتت مجموعات الأحزاب المصنفة على أساس طائفي ومذهبي شيعي وسني او قومي عربي وكوردي او غيرها والتي تشكل جل قوى النظام القائم، تقوم بدعايتها الانتخابية بوصفها ذلك، وتجمع اصواتها على هذا الأساس وتروج له وتنميه باستمرار.
كما وان احياء العشائرية والقيم الرجعية المناهضة للتمدن، وشراء الذمم وانتشار الفساد الهائل والمحسوبية وحتى شراء وبيع بطاقات التصويت، وصرف أموال المجتمع المسروقة من قبل أحزاب السلطة لتنفيذ حملات انتخابية رجعية طائفية وقومية، والقيام بعمليات الاقصاء اما عن طريق المفوضية العليا للانتخابات وحسب مشيئة قوى النظام المتسلطة او اقصاء قادة أحزاب المعارضة البرلمانية من دائرة الدعايات الانتخابية بطرق استبدادية وعن طريق المحاكم التي تسيّرها الأحزاب الحاكمة، كما هو الحال في ما جرى في إقليم كوردستان على ايدي الاتحاد الوطني الكوردستاني وبدعم الحزب الديمقراطي الكوردستاني وصمت حكومة الإقليم، باتت بمجملها تجعل من الانتخابات والحملات الانتخابية مهزلة انتخابية لا غير وجزءً مكملا لمعالم النظام في كل ابعاده وعائقا امام مسيرة تطور النضال السياسي في المجتمع والتقدم الاجتماعي.
في ظل أوضاع كهذه فان البرلمان والانتخابات للبرلمان، ليس سوى فضاءات وأدوات سياسية بأيدي أحزاب برجوازية إسلامية لإبعاد جماهير العمال والشغيلة ومعظم المواطنين عن المشاركة السياسية النشطة والمباشرة، انطلاقا من مصالحها الطبقية، في ترسيم الحياة الاقتصادية والسياسية والفكرية للمجتمع.
وهكذا، فانه من المتوقع ان تقاطع معظم الجماهير هذه الانتخابات حيث أدركت بتجربتها العملية بان الانتخابات ليست سوى تجميل وجه النظام القائم وإبقاء تلك الجماهير خارج ديناميكية الحياة السياسية والنشاط السياسي الفاعل في سياق الصراع الطبقي الجاري في المجتمع.
لقد آن الأوان للمبادرة بتنظيم حركة سياسية جماهيرية تسير بنضالها خارج البرلمان والحملات الانتخابية بعيدا عن الانجرار وراء الدعايات البرجوازية وغيرها. غير ان هذا لا يتحقق دون ان تكون صفوف الطبقة العاملة والشبيبة والنساء، من أوساط هذه الطبقة والمفقرين، صفوفا منظمة وفقا لمصالحها السياسية الطبقية المستقلة. ان النضال في هذا الميدان الرحب هو من صلب واجب الشيوعيين وناشطي العمال والتحررين، نساء ورجالا ومن مختلف الاعمار.
ان منظمة البديل الشيوعي في العراق مستمرة بثبات في النضال السياسي والفكري والتنظيمي مع جماهير العمال والكادحين والشبيبة التحررية والنساء المضطهدات من اجل الخلاص من بأس راس المال ونظامه السياسي والفكري، وبناء مجتمع تسوده الحرية والمساواة والرفاهية. ووفقا لهذا المسار، تكافح من اجل تنامي النضال السياسي المستقل لهذه الجماهير وعموم الجماهير التحررية المقاطعة لهذه الانتخابات وتحويلها الى حركة سياسية جماهيرية على صعيد المجتمع، بعيدا عن تعليق الآمال على البرلمان، وذلك لإيجاد التغييرات الثورية وانهاء النظام السياسي القائم.
منظمة البديل الشيوعي في العراق تنظيم شيوعي عمالي منهجه الفكري والسياسي ماركسي مستنبط من “البيان الشيوعي”
