ان قضية الاقتصاد والامان الاقتصادي قضية مهمة جداً للنساء في كل مكان، وعلى الرغم من أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تقارب 49 بالمئة من إجمالي السكان، إلا أن فرصهن في سوق العمل لازالت ضئيلة إذ لا تتجاوز نسبة النساء العاملات حدود 15 بالمئة من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية، بينما تقع 85 بالمئة منهن ضحايا عوامل موضوعية تحجم دورهن في المجتمع عمومًا وسوق العمل تحديدًا.
ان النساء من الطبقة العاملة يواجهن تحديات كثيرة في ظل السياسات النيوليبرالية وهيكلة وخصخصة القطاع العام والشركات مثل التعليم والقطاع الصحي والخدمي وارتفاع اسعار السلع وهو ما سيزيد العبء على النساء بشكل عام كون اغلب النساء العاملات في القطاعين العام والخاص هن عاملات وربات منزل في آن واحد .ونلاحظ ان هناك تمييز كبير بين الجنسين على مستوى الأجور ومستوى التعليم ودائماً ما تكون فرص التعيين والتوظيف للرجال بنسبة اكبر من النساء.
ان سياسة تفقير الجماهير وتقليل الانفاق الحكومي ستضع الطبقة العاملة بمجملها في مأزق كبير. اذا كانت نسبة النساء العاملات ١٥٪ فقط من اصل عشرين مليون امرأة، اي ان اغلب النساء يعتمدن اعتماداً كلياً على عمل ذكور العائلة، وكون المجتمع ذكوري وغير مؤمن بقضية المرأة وحقها في الحياة، لذاستشهد البلاد مزيدا من الأمية حيث ان العائلات الفقيرة ستتجه الى حماية وتعليم ذكور العائلة دون النساء املاً منهم بانه سيكون هذا الذكر معيلاً للعائلة، وسنشهد كذلك ارتفاعا بنسبة زواج القاصرات كون الفتات ستكون عبئاً على ذويها وستتحمل المرأة أعباءً اخرى مثل تأمين مستلزمات المنزل وتقنين وتوفير الطعام، وستعاني الكثير من النساء ترديا في اوضاعها الصحية وعدم القدرة على العلاج واجراء الفحوصات الدورية المهمة مثل الفحص المبكر لسرطان الثدي وعدم القدرة على متابعة حالة الجنين اثناء الحمل وايضاً عدم متابعة نمو الاطفال بشكل عام وافتقار القدرة على توفير لقاحات الأطفال، هذا بالنسبة للعائلة التي يوجد فيها معيل .
وبسبب الحروب التي شهدتها البلاد منذ سنوات عديدة، هناك الكثير من النساء لا يوجد لهن معيل للعائلة ومع هذه السياسات النيوليبرالية لتفقير المجتمع بشكل عام وعدم اكتراث الدولة لتمكين النساء اقتصادياً، ستنشر عصابات الاتجار بالبشر بشكل اوسع مما هو عليه اليوم، وسيكون الاطفال والنساء معرضين لخطر كبير وسيصبحون سلعة وادات للمتاجرة بالاعضاء البشرية والاستغلال الجنسي والترويج للمخدرات والممنوعات ايضاً، ومن جهة اخرى فان معانات المرأة الريفية منذ عصور مضت لا زالت قائمة، فهي تعمل ربة منزل وفلاحة ايضاً وعملها غير مدفوع الاجر، وفي الحالتين يتم استغلالها من قبل ذكور العائلة فكيف اذا سيصبح حالها بعد هذه السياسات الحكومية غير المسؤولة التي تسعى لتفقير وقمع الملايين من الجماهير دون الاكتراث لوضعهم المعيشي والحروب والازمات الاقتصادية التي عانى منها المجتمع في العراق منذ عقود مضت.
ان الحركة النسوية هي جزء من الطبقة العاملة، ونحن اليوم بحاجة الى توسيع النضال وتغيير وسائل الدفاع بالضد من السياسات النيو ليبرالية، وهذا سيكون بتوحيد النقابات العمالية والمنظمات النسوية والمدنية والفئات المهمشة من المجتمع كالشبيبة والطلبة للدفاع عن فئات المجتمع عامة والطبقة العاملة خاصة .
نورسالم